مقالات خاصة

الخطر الإقليمي يوحّد الفرقاء الشيعة في العراق بعد سنوات من الانقسام

يُظهر المشهد السياسي في العراق تحوّلًا جذريًا في أولويات الفرقاء السياسيين الشيعة الذين يتشاركون في قيادة النظام السياسي في البلاد. إذ أصبحت المخاوف المشتركة من تداعيات التقلّبات الإقليمية العامل الحاسم في تهدئة خلافاتهم الداخلية. هذه التطورات جاءت في ظل انهيار نظام الأسد في سوريا وحزب الله في لبنان، مما ألقى بظلاله على المشهد العراقي، باعتبار النظام السياسي في بغداد جزءًا من المحور الإقليمي الذي تقوده إيران.

اللقاء بين رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ورئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي كان تعبيرًا واضحًا عن حجم القلق داخل القوى السياسية الشيعية. فرغم الخلافات التي طغت على علاقتهما في الأشهر الماضية، بدا أن الطرفين على استعداد لتجاوز الصراعات الآنية لضمان استقرار النظام وتفادي مصير مشابه لما حدث في سوريا ولبنان.

تزامن هذا التحوّل مع مخاوف من توجهات إدارة أميركية جديدة تحت قيادة الرئيس المنتخب دونالد ترامب، الذي يتوقع أن يتخذ موقفًا أكثر حزمًا تجاه النفوذ الإيراني ودور الميليشيات في العراق. هذا الضغط الخارجي، بالإضافة إلى تداعيات الانهيارات الإقليمية، دفع الفرقاء السياسيين الشيعة إلى تعزيز التنسيق المشترك، كما برز في اجتماعات ومشاورات متعددة تهدف إلى تقوية الحكومة وتهدئة التوترات الداخلية.

على الرغم من أن هذه التطورات أظهرت وجهًا إيجابيًا لحكومة السوداني التي كانت تعاني سابقًا من ضغوط داخلية كبيرة، إلا أن التحديات المقبلة لا تزال جسيمة. إذ سيكون على الحكومة والقوى السياسية إيجاد توازن دقيق بين تهدئة المخاوف الداخلية ومواجهة الضغوط الخارجية، لضمان بقاء النظام السياسي في العراق مستقرًا في خضم العواصف الإقليمية.

احمد داود | باحث أقليمي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى